الأربعاء، 13 يناير 2016

سد النهضة .. الصراع المصري الاثيوبي .. ومصلحة السودان ؟؟



في شهر مايو (2010) اجتمع في مدينة عنتبي اليوغندية وزراء الري لست دول من حوض النيل ( اثيوبيا – اوغندا – كينيا – تنزانيا – رواندا – بورندي ) ووقعوا اتفاقية ( عنتبي ) التي تنص على ( ان التعاون المائي بين دول حوض النيل يعتمد على الاستخدام المنصف والمعقول لمياه النيل بين الدول ) ، فيما امتنعت ( الكونغو ) وحينها ثارت ثائرة الحكومة المصرية التي تنال اكبر حصة من مياه النيل وفق اتفاقية (1929) واتفاقية (1959) تصل الي (55.5 مليار متر مكعب ) من مياه النيل سنويا في حين ينال السودان بكل ارضه الزراعية الشاسعة (18.5 مليار متر مكعب سنويا ) وانضمت ( جنوب السودان ) لعنتبي في مارس (2013) نكاية في الخرطوم والقاهرة ومن اجل النكاية فقط في مشهد يدعو للسخرية ؟؟ واعتبرت القاهرة  ان اتفاقية عنتبي مخالفة للاتفاقيات الدولية وسارت الخرطوم في بداية الامر في نفس اتجاه القاهرة بعدم التوقيع على عنتبي ولكن اديس ابابا لم تعر اجتجاجات القاهرة والخرطوم اي اهتمام وشرعت مع الدول المانحة في اول ابريل (2011) في تدشين مشروع ( سد الالفية او سد النهضة ) لانتاج الطاقة الكهرومائية من ولاية بني شنقول التي فرط فيه الخليفة عبدالله التعايشي ومن المتوقع ان يحجز السد المزمع الانتهاء منها نهاية مايو الجاري ، في بحيرته نحو (63 مليار متر مكعب من المياه ) .. وما لبثت الخرطوم ان غيرت موقفها من بناء السد بعد التطمينات التي بثها ديسالين عن اهتمام اثيوبيا بالامن المائي واستقرار انسياب المياه الي السودان ومصر وان هناك فوائد كبيرة سوف يجنيها السودان من حيث الامداد الكهربائي ولكن الحكومة المصرية ظلت تنظر بعين الشك والريبة لكل تصريحات المسؤولين في اديس ابابا وتوالت الزيارات المصرية لاثيوبيا بداية من الرئيس ( محمد مرسي ) و وزراء الخارجية والري في سبيل  اقناع الجانب الاثيوبي بايقاف البناء في هيكل السد لحين التوصل لحلول مرضية للجانب المصري الذي يزعجه تماما اي نقص في حصته من مياه النيل لكن باءت كل المحاولات المصرية بالفشل وادي ذلك لاحتقان الوضع وساءت العلاقات بين البلدين وساهم الاعلام المصري بشكل سالب في رسم صورة قاتمة عن مستقبل الوضع بين مصر واثيوبيا وتحدث البعض عن احتمالية توجيه ضربات جوية لجسم السد لاجبار الحكومة الاثيوبية للتوقف عن البناء والعودة للمربع الاول في توزيع نسب مياه النيل القديمة التي تريد مصر الثبات عليها دون تغيير وادي ذلك الوضع لغضب اثيوبي عارم وتصميم على مواصلة البناء في السد دون الالتفات للتهديدات المصرية ولاحت بوادر ونذر لحرب في النيل .. هذا المشهد يجعل بعض السياسيين الاذكياء يتسائل ( كيف يستفيد السودان من هذا الوضع ؟؟ واين مصلحة الخرطوم في هذا المشهد المصري الاثيوبي المتازم ؟ ) اقول بكل بساطة انه كان يجب على الجانب السوداني ان يزيد من سقف طموحاته ومدى مطالبه من الجانبين بحكم انه الاكثر قبولا من الطرفين بالوساطة السياسية من كل الدول والمنظمات الدولية الاخري ... 
ثانيا انه طرف اصيل في حل ازمة مياه النيل بحكم موقعه الجيو سياسي بين الدولتين ، ثالثا عدم تضرر السودان من سد النهضة اعطاه ميزة دولية في انه الانسب لتقديم الحلول المرنة وبالتالي تقريب وجهات النظر المصرية الاثيوبية العالقة في مربع الازمة ، ولننظر الي سقف المطالب التي من المفترض ان يستفيد السودان من كل المميزات المذكورة ، اولا معلوم ان اثيوبيا متعدية على مساحات كبيرة في ارض الفشقة السودانية الزراعية الخصبة وتكونت العددي من اللجان المشتركة لحل هذا التعدي الا اننا نرى تماطلا شديدا من الجانب الاثيوبي في تسليم الاراضي السودانية وتدعي الحكومة الاثيوبية ان المعتدين على الفشقة هم من عصابات الشفتة التي تقول عنها انها ( متفلته وخارجه عن القانون ؟؟ ) وهو ادعاء لاينطلي على اي سوداني لاننا نعرف وبحكم معرفتنا الحقة باثيوبيا ان اثيوبيا مستفيدة من هذه الاراضي الزراعية الخصبة والتي تفتقدها في ارضها وتنتج منها محاصيل بكميات كبيرة تسد جانبا كبيرا من احتياجات الامن الغذائي الاثيوبي منذ العام (1995) وحتى الان وتماطل في تسليم هذه الارض السودانية لاستفادة منها بل وصل الامر للتعدي على خط ( الميجور الانجليزي قوين ) وهو خط الحدود الدولي بين السودان واثيوبيا والمعترف به دوليا ومحاولة طمسه وازالة اثاره واذا رجعنا الي مدي الفوائد والخدمات الاقتصادية واللوجستية والاجتماعية والانسانية التي يقدمها السودان لاثيوبيا وجدناها بحجم يجبر اثيوبيا على الانحناء شكرا وتقديرا واحتراما الا ان ذلك لم يحدث بل العكس ؟ وكان على الخرطوم تقديم كروت الضغط لاثيوبيا للانسحاب من الفشقة مقابل ان يحل السودان المعضلة بينها ومصر وايضا استخدام مثلث ( حلايب – شلاتين – ابو رماد ) كرت ضغط لاتسحاب الجانب المصري منها لان مصر في حاجة لمياه النيل اكثر من حاجتها الى حلايب وشلاتين ( السودانية لحما ودما ) مقابل ان تسهم الخرطوم في سقاية القاهرة وتفتح ( الخرطوم الاثيوبي ) وطالما ان كل دولة تسعي لتحقيق مصالحها علينا نحن السودانيين ان نسعي بذكائنا وحنكتنا وان نحذوا نحو مصالح بلادنا القومية والتعامل بكل ندية وذكاء واستخدام كافة كروت الضغط السياسي والاقتصادي مع بقية اقراننا في دول الجوار وترك التعامل بالطيبة والنية السليمة التي خنقتنا وادت لان تتعدي بعض دول الجوار على ارضنا وحقوق مواطنينا .
م/ محمد المعز جعفر الطيب 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق