الثلاثاء، 19 يناير 2016

سد النهضة… مصر والبحث عن عمق مفقود




إثيوبيا ومصر من البلدان الجذرية.. وقائع جغرافية وتاريخية لا يمكن تجاوزها، المصب المصري لا يمكن أن يواجه الهضبة الإثيوبية، وصراع مصري إثيوبي يجب أن يجد له حلولاً عاجلة وإبداعية،علماً بأن تاريخ التعاون الأفريقي انطلق في الخمسينيات بتقارب مصري – إثيوبي بقي يطغى على منظمة الوحدة الأفريقية، التي بدأت اليوم تشهد نزعات إقليمية أخرى، سواء من خلال تآلفات في شرق القارة أو غربها.
وعلى الرغم من هذه الحقائق، إلا أن أحداً لا يفكر في خطوة لإنقاذ القارة الأفريقية والبحر الأحمر والمجموعة العربية من افتراق مصري – إثيوبي يحتاج إلى كثير من العقلانية والموضوعية لتجنبه. الأداء الدبلوماسي والإعلامي أدى إلى تشويش كبير في تفهم النتائج التي سيسفر عنها وجود سد النهضة في إثيوبيا، وعملياً فإن الحصة المائية لمصر والسودان تبدو عرضة للتأثر لأسباب كثيرة أخرى، بجانب سد النهضة، فمن ناحية فإن ارتفاع معدلات التبخر في منابع النيل سيسبب تراجعاً في التدفق المائي للنهر، وكذلك فإن الزيادة السكانية في الدول التي تشترك في مسار النهر من شأنه أن يمثل ضغوطاً أخرى تستدعي إعادة النظر في تقاسم مياه النيل على أسس واقعية، وربما يتطلب الأمر مشروعات أخرى في دول المنبع وأيضاً في مصر.
أزمة سد النهضة يمكن تلافيها إلى حد بعيد بدخول مصر شريكا استراتيجيا في بناء السد، شريكا في التمويل والبناء، لاختصار فترات تحويل مياه نهر النيل الأزرق، بحيث يبدأ تشغيل السد وبفعالية كبيرة خلال فترة زمنية أقصر، وهو ما يضمن أن الاختلالات التي يمكن أن يحدثها السد على سلوك النهر ستختزل، ولكن تصاعد الأداء الإعلامي والسياسي الشعبوي، الذي يحث على مواجهة إثيوبيا ويلوح بالحلول العسكرية أحياناً يمنع الفكر النخبوي من التقدم بحلول عملية، فلا يمكن للحكومة المصرية أن تتصرف باحترافية وواقعية في ظل وجود تسخين غير منضبط لوضع مصر، في صراع وجودي مع بلد آخر مؤثر ومهم في القارة الأفريقية، فمن جهة لا يدرك كثير من القائمين على التسخين في الصحف والفضائيات المصرية أن إثيوبيا بلد كبير بتعداد سكاني يفوق مصر، ومن جهة أخرى يتغيب عن التيار الشعبوي حقيقة أن الإثيوبيين في الطرف الأقوى لأنهم أصحاب الخيار في هذه الحالة، فتحويل النهر مسألة أسهل كثيراً من بناء سد كهروميكاني، بمعنى أن ضرب مصر للسد يمكن أن يدفع إثيوبيا وبإمكانياتها الذاتية لأن تبقي على تحويل النهر دائماً.
الاستخفاف الذي يمارسه تيار الحلول الشعبوية يليق بمباراة مرتقبة في كرة القدم، أما العلاقات بين بلدين مؤثرين في الإقليم، في مفصل على قدر كبير من الحساسية، فيلزمها تعامل مختلف وأكثر حنكة واحترافية، ويشتمل أيضاً على قفزة استراتيجية للأمام، فالنيل يبدو اليوم متجهاً لشيخوخة مبكرة نتيجة التغيرات المناخية والاحتباس الحراري، ويجب البحث في إطلاق استثمارات كبرى للمحافظة على مياهه، بحيث يجري استثمار أكبر كمية من المياه قبل وصولها مهدرةً إلى المتوسط، ومشروع توشكى المتعثر يبدو أحد الحلول الممكنة، ويبدو أن اصطناع مجموعة من البحيرات والمستودعات المائية الكبيرة على مسار النهر وحولها مجتمعات زراعية هو أكبر التحديات التي من المحتمل أن تتحول إلى فرص استثمارية دولية.
الخبراء المائيون اختفوا فجأة من المشهد، لا أحد يريد أن يستمع لهم، وكثير منهم حافظوا على أمانتهم العلمية لتجنب النقد الذي أصبح ينصرف لمهاجمة الشخص والتفتيش في نواياه والتشكيك في إخلاصه، بدلاً من الانصباب على مناقشة أفكاره وطروحاته ونقدها، ويبدو أن قول كلمة حق أمام سلطان جائر لم تعد هي الشجاعة، فمواجهة شعب متحمس وما يحمله من تصورات متوارثة تتطلب شجاعة أكبر وأعمق.
خضعت مقولة هيرودوت «مصر هبة النيل» لفهم مغلوط، فكأن النيل وجد من أجل مصر وحدها، والحقيقة أن مصر هي الإبداع الأكمل للنيل، الذي يدخل بانسيابية إلى الوادي المصري ويجد على جانبيه فرصة ليعبر عن نفسه بعيداً عن الأجواء الاستوائية، وبذلك كانت فرصة قيام حضارة في المصب المصري كبيرة، مقارنة بأي مكان في العالم القديم، وذلك لا ينفي أن شعوب النيل كلها كانت أكثر تحضراً من بقية الشعوب الأفريقية. والمصريون بحاجة إلى تفهم النيل على امتداده لا مجرد النيل من منظورهم الخاص، وضمن هذه الرؤية يمكن لمصر أن تتزعم إقليماً مهماً ووعداً من العالم، تكون إثيوبيا درة التاج فيه، كذلك كانت مصر في عهدها الملكي تتفهم العمق الاستراتيجي، وحاولت المرة بعد الأخرى أن تستولي على المنابع ففشلت المرة بعد الأخرى، فكانت المبادرات في مرحلة عبد الناصر تستوعب طبيعة العلاقات مع أفريقيا ومدى تأثيرها على موقع مصر القيادي على مختلف المستويات، فقيادة مصر العربية ومكانتها في المتوسط تستند إلى عمقها الافريقي، وبدونه ليست مصر إلا امتداداً للصحراء الكبرى.
الساداتية ضربت القيادة المصرية لإقليم النيل، وتصرفت كثيراً في النيل وكأنه جزء من الممتلكات الشخصية للسادات، فالرئيس المصري يهدي اسرائيل مشروعاً لم تطلبه ولم تطمح له مع ترعة السلام التي أرادها أن تمتد من النيل إلى القدس، وبالطبع فإنه لم يتشاور أصلاً مع شركائه الأفارقة، ولم يكترث بردود أفعالهم. ولما كان نظام مبارك لا يرى نفسه إلا امتداداً لسياسة السادات الخارجية التي لا ترى العالم إلى من منظور الرضا الأمريكي، فإنه استمر على إهماله للعمق الأفريقي، بما استفز مشاعر عدائية تجاه مصر لم تكن مصر أساساً معنية بمتابعتها، عدا عن تفهمها ومعالجتها. واليوم يأتي الحصاد المر لتلك السياسة التي وصلت إلى مرحلة العبثية، بعد محاولة اغتيال مبارك في أديس أبابا ليضع الرئيس المصري بمنتهى الشخصنة والنزق كلا من إثيوبيا والسودان في خانة أعدائه، ويدفع المصريين لصراعات جانبية أدت إلى تشويه المفاهيم، كما هو الأمر مع التشوه الذي دخلته مصر في فضائها العربي.
نزعات الانكفاء على القومية المصرية ذات الطابع المحلي ظهرت بصورة موسمية خلال القرن الماضي، وكانت في كل مرة تثبت فشلها في دولة اصطنعها التاريخ لنفسه ورأتها الجغرافيا الثمرة المشتهاة، والوجود في بناية آيلة للسقوط، ونعني أقاليم مصر الأفريقية والعربية، لا يعالج بأن يغلق الباب والشبابيك اعتقاداً بأن الطابق الذي تشغله مصر لن يتأثر بالانهيار وسيتجنبه بمجرد أن يصم آذانه عن التحذيرات التي تنطلق من كل مكان.
مصر حالة نادرة بين كل دول العالم، فربما كانت الدولة الأكثر شعبية في محيطها، وثمة اعتراف بمكانتها لا يرتقي لها أي شك من جيران مصر، لا ألمانيا استطاعت أن تتحصل على ذلك من الفرنسيين أو حتى النمساويين، ولا الصين أخذته من كوريا أو فيتنام، فالمسألة أن مصر بحاجة لأن تعترف بأهمية أبعادها وأن تتفهم احتياجات الشعوب الأخرى التي تشترك معها في تاريخها ومصيرها، والأمر يتطلب تجرداً من مشاعر دعاة المحلية، ومن يستفيدون من وجود عداء غير مبرر ليوجدوا عدواً يعطيهم موقعاً للمزايدة بالوطنية وممارسة الوصاية على الشعور الشعبي، الذي يختلف بالضرورة وبصورة أكيدة عن الوعي الذي تسرقه المصالح الضيقة والرؤية القاصرة للفاعلين السياسيين، الذين يبحثون عن مصالحهم الخاصة في ظل تغييب الميثاق الأكثر عمومية وعمقاً، ففي زمن يرفض فيه مرتضى منصور ما كتبه سيد حجاب عن مصر في دستور المصريين الجديد، فإن الأمور تسير إلى الكارثة بإصرار وعنجهية.
سامح المحاريق

الأربعاء، 13 يناير 2016

سد النهضة .. الصراع المصري الاثيوبي .. ومصلحة السودان ؟؟



في شهر مايو (2010) اجتمع في مدينة عنتبي اليوغندية وزراء الري لست دول من حوض النيل ( اثيوبيا – اوغندا – كينيا – تنزانيا – رواندا – بورندي ) ووقعوا اتفاقية ( عنتبي ) التي تنص على ( ان التعاون المائي بين دول حوض النيل يعتمد على الاستخدام المنصف والمعقول لمياه النيل بين الدول ) ، فيما امتنعت ( الكونغو ) وحينها ثارت ثائرة الحكومة المصرية التي تنال اكبر حصة من مياه النيل وفق اتفاقية (1929) واتفاقية (1959) تصل الي (55.5 مليار متر مكعب ) من مياه النيل سنويا في حين ينال السودان بكل ارضه الزراعية الشاسعة (18.5 مليار متر مكعب سنويا ) وانضمت ( جنوب السودان ) لعنتبي في مارس (2013) نكاية في الخرطوم والقاهرة ومن اجل النكاية فقط في مشهد يدعو للسخرية ؟؟ واعتبرت القاهرة  ان اتفاقية عنتبي مخالفة للاتفاقيات الدولية وسارت الخرطوم في بداية الامر في نفس اتجاه القاهرة بعدم التوقيع على عنتبي ولكن اديس ابابا لم تعر اجتجاجات القاهرة والخرطوم اي اهتمام وشرعت مع الدول المانحة في اول ابريل (2011) في تدشين مشروع ( سد الالفية او سد النهضة ) لانتاج الطاقة الكهرومائية من ولاية بني شنقول التي فرط فيه الخليفة عبدالله التعايشي ومن المتوقع ان يحجز السد المزمع الانتهاء منها نهاية مايو الجاري ، في بحيرته نحو (63 مليار متر مكعب من المياه ) .. وما لبثت الخرطوم ان غيرت موقفها من بناء السد بعد التطمينات التي بثها ديسالين عن اهتمام اثيوبيا بالامن المائي واستقرار انسياب المياه الي السودان ومصر وان هناك فوائد كبيرة سوف يجنيها السودان من حيث الامداد الكهربائي ولكن الحكومة المصرية ظلت تنظر بعين الشك والريبة لكل تصريحات المسؤولين في اديس ابابا وتوالت الزيارات المصرية لاثيوبيا بداية من الرئيس ( محمد مرسي ) و وزراء الخارجية والري في سبيل  اقناع الجانب الاثيوبي بايقاف البناء في هيكل السد لحين التوصل لحلول مرضية للجانب المصري الذي يزعجه تماما اي نقص في حصته من مياه النيل لكن باءت كل المحاولات المصرية بالفشل وادي ذلك لاحتقان الوضع وساءت العلاقات بين البلدين وساهم الاعلام المصري بشكل سالب في رسم صورة قاتمة عن مستقبل الوضع بين مصر واثيوبيا وتحدث البعض عن احتمالية توجيه ضربات جوية لجسم السد لاجبار الحكومة الاثيوبية للتوقف عن البناء والعودة للمربع الاول في توزيع نسب مياه النيل القديمة التي تريد مصر الثبات عليها دون تغيير وادي ذلك الوضع لغضب اثيوبي عارم وتصميم على مواصلة البناء في السد دون الالتفات للتهديدات المصرية ولاحت بوادر ونذر لحرب في النيل .. هذا المشهد يجعل بعض السياسيين الاذكياء يتسائل ( كيف يستفيد السودان من هذا الوضع ؟؟ واين مصلحة الخرطوم في هذا المشهد المصري الاثيوبي المتازم ؟ ) اقول بكل بساطة انه كان يجب على الجانب السوداني ان يزيد من سقف طموحاته ومدى مطالبه من الجانبين بحكم انه الاكثر قبولا من الطرفين بالوساطة السياسية من كل الدول والمنظمات الدولية الاخري ... 
ثانيا انه طرف اصيل في حل ازمة مياه النيل بحكم موقعه الجيو سياسي بين الدولتين ، ثالثا عدم تضرر السودان من سد النهضة اعطاه ميزة دولية في انه الانسب لتقديم الحلول المرنة وبالتالي تقريب وجهات النظر المصرية الاثيوبية العالقة في مربع الازمة ، ولننظر الي سقف المطالب التي من المفترض ان يستفيد السودان من كل المميزات المذكورة ، اولا معلوم ان اثيوبيا متعدية على مساحات كبيرة في ارض الفشقة السودانية الزراعية الخصبة وتكونت العددي من اللجان المشتركة لحل هذا التعدي الا اننا نرى تماطلا شديدا من الجانب الاثيوبي في تسليم الاراضي السودانية وتدعي الحكومة الاثيوبية ان المعتدين على الفشقة هم من عصابات الشفتة التي تقول عنها انها ( متفلته وخارجه عن القانون ؟؟ ) وهو ادعاء لاينطلي على اي سوداني لاننا نعرف وبحكم معرفتنا الحقة باثيوبيا ان اثيوبيا مستفيدة من هذه الاراضي الزراعية الخصبة والتي تفتقدها في ارضها وتنتج منها محاصيل بكميات كبيرة تسد جانبا كبيرا من احتياجات الامن الغذائي الاثيوبي منذ العام (1995) وحتى الان وتماطل في تسليم هذه الارض السودانية لاستفادة منها بل وصل الامر للتعدي على خط ( الميجور الانجليزي قوين ) وهو خط الحدود الدولي بين السودان واثيوبيا والمعترف به دوليا ومحاولة طمسه وازالة اثاره واذا رجعنا الي مدي الفوائد والخدمات الاقتصادية واللوجستية والاجتماعية والانسانية التي يقدمها السودان لاثيوبيا وجدناها بحجم يجبر اثيوبيا على الانحناء شكرا وتقديرا واحتراما الا ان ذلك لم يحدث بل العكس ؟ وكان على الخرطوم تقديم كروت الضغط لاثيوبيا للانسحاب من الفشقة مقابل ان يحل السودان المعضلة بينها ومصر وايضا استخدام مثلث ( حلايب – شلاتين – ابو رماد ) كرت ضغط لاتسحاب الجانب المصري منها لان مصر في حاجة لمياه النيل اكثر من حاجتها الى حلايب وشلاتين ( السودانية لحما ودما ) مقابل ان تسهم الخرطوم في سقاية القاهرة وتفتح ( الخرطوم الاثيوبي ) وطالما ان كل دولة تسعي لتحقيق مصالحها علينا نحن السودانيين ان نسعي بذكائنا وحنكتنا وان نحذوا نحو مصالح بلادنا القومية والتعامل بكل ندية وذكاء واستخدام كافة كروت الضغط السياسي والاقتصادي مع بقية اقراننا في دول الجوار وترك التعامل بالطيبة والنية السليمة التي خنقتنا وادت لان تتعدي بعض دول الجوار على ارضنا وحقوق مواطنينا .
م/ محمد المعز جعفر الطيب 

الأحد، 10 يناير 2016

غندور ينفي غرق السودان حال انهيار سد النهضة




أكد وزير الخارجية السوداني أ.د. إبراهيم غندور، أن المباحثات الثنائية التي عُقدت مع وزير الخارجية المصري سامح شكري كانت إيجابية ومثمرة، وكانت أفضل ما يكون. ونفى ما تردد عن إمكانية غرق بلاده حال انهيار سد النهضة بإثيوبيا.
وشدَّد غندور، في مؤتمر صحافي مشترك ورصيفه المصري، في ختام مباحثات بالقاهرة، السبت، أن انهيار السد غير وارد، والسودان مطمئن لسلامته، لأن الشركة المكلفة ببنائه هي شركة عالمية.
وقال غندور: "وحتى حال انهياره فلن يضر بالسودان، وأقصى مسافة يمكن أن تصل لها مياهه تبعد عند حدود البلاد بـ20 كيلو متراً".
وأضاف غندور أن السد يقام على أرض إثيوبية، والسودان ليست محايداً في هذا الأمر ولكنه أيضاً ليس منحازاً.
وأكد أن الخرطوم لها مصالح في قضية السد تعمل على الحفاظ عليها مثلما تحافظ مصر على حقوقها. وأشار إلى أن مصالح السودان لا تتعارض مع مصالح مصر

الاثنين، 4 يناير 2016

سد النهضة يفيد السودان أكثر من أثيوبيا





بعيداً عن الإنفعال والتشدد في المواقف دعنا نناقش أمر سد النهضة الأثيوبي بموضوعية، ونتفق على أن من حق أثيوبيا الاستفادة القصوى من ثرواتها الطبيعية والمياه، أهمها إذ أنها تسمى برج المياه لكثرة مياه الأمطار فيها، وارتفاع أراضيها، واثيوبيا تملك ثروة مائية يقدرها العلماء في العالم بثروة يمكن أن تنتج خمسة وأربعين ألف ميغاواط من كهرباء المياه قليلة الثمن (سد الألفية الذي يعتبر الآن أكبر سد في افريقيا لإنتاج الكهرباء تبلغ طاقته ستة آلاف ميغاواط)، وتبلغ طاقة التوليد السنوي من سد النهضة حوالي ستة عشر مليون ميقاواط- ساعة.. أي ما تعادل قيمته السنوية قرابة المليار دولار من سد واحد، وإذا استغلت اثيوبيا كل ثرواتها المائية البالغة خمسة وأربعين ألف ميقاواط يكون العائد السنوي لها من تصدير الكهرباء حوالي الثمانية مليارات دولار،
وذلك يقارب العائد السنوي لكل بترول السودان شماله وجنوبه، ونتفق أيضاً على أنه من حق مصر أن تتخوف من إنشاء السد في تناقص حصتها من المياه، وانخفاض توليد السد العالي، وكذلك من حق السودان أن يراجع الفوائد والمضار من إنشاء السد ويوازن بينها.
أثيوبيا تملك الحق في الاستفادة القصوى من ثروات المياه فيها دون الإضرار بالآخرين، لذلك الحقائق التالية عن السد تجعلنا نصل الى خلاصة علمية عن فوائد ومخاطر السد على الثلاث دول:
أولاً: تقوم ببناء السد الشركة الايطالية ساليني وهي شركة عريقة متخصصة في إنشاء السدود، وقامت بإنشاء ثلاثة سدود في اثيوبيا نفسها، وهي سد جلجل واحد، وجلجل اثنين، وسد تانا.
ثانياً: تبلغ تكلفة السد حوالي خمسة مليارات دولار توفرها الحكومة الاثيوبية من قروض أو سندات استثمار من مواطنيها.
ثالثاً: تبلغ سعة بحيرة السد حوالي سبعين مليار متر مكعب مقارنة بسعة بحيرة السد العالي التي تبلغ حوالي مائة وعشرين مليار متر مكعب، وإذا تم الاتفاق على امتلاء بحيرة سد النهضة في عشر سنوات، يكون الفاقد السنوي ولمدة الامتلاء سبعة مليارات متر مكعب، علماً بأن حصة مصر في اتفاقية مياه النيل لعام 1959م تبلغ خمسة وخمسين ونصف مليار متر مكعب (55.5) وحصة السودان ثمانية عشر ونصف مليار متر مكعب (18.5)- مصر تستغل كل حصتها الآن والسودان يستغل ما لا يزيد عن عشرة مليارات متر مكعب.. كل أراضي مصر الزراعية من النيل.. بينما عشرة في المائة فقط من أراضي السودان الزراعية المستغلة الآن (44 مليون فدان)، المروي منها فقط أربعة ملايين، والباقي مطري، والسودان يحتاج الى عشرين مليار دولار وما لا يقل عن سبع سنوات لاستغلال حصته كاملة في إعادة تأهيل المشاريع الزراعية المنهارة وزيادتها الى ثمانية ملايين فدان.
رابعاً: الطاقة الكهربائية المائية في مصر تعادل 12% من الطاقة الكهربائية الكلية في مصر (في 2010 الطاقة المائية في مصر كانت 14 بليون كيلواط- ساعة من 121 بليون هي الطاقة الكلية).. لذلك انخفاض 25% من الطاقة المائية في مصر بسبب سد النهضة تعادل أقل من 3% من الطاقة الكلية).
خامساً: حفظ الماء في بحيرة سد النهضة يقلل من ارتفاع المياه في بحيرة ناصر في فترة الفيضان، ولكن تخزين المياه في بحيرة سد النهضة يقلل من فاقد المياه المخزونة في بحيرة ناصر لمدة عشرة أشهر، والتي تفقد فيها بحيرة ناصر حوالي عشرة مليارات متر مكعب بسبب التبخر في تلك المنطقة الساخنة، والتي تصل فيها الحرارة الى أكثر من أربعين درجة مقارنة بدرجات الحرارة في بحيرة سد النهضة المرتفعة، والتي تكون فيها درجات الحرارة أقل من خمس عشرة درجة طوال العام.. والفاقد في بحيرة سد النهضة السنوي يكون تبعاً لذلك في حدود اثنين مليار متر مكعب، وبذلك يتوقع أن تزيد حصة مصر بحوالي 5% وكذلك السودان.
سادساً: سد النهضة يحجز خلفه كميات ضخمة من الطمي الزائد والأجسام الطافية في مياه النيل الأزرق، وبذلك يطيل العمر الافتراضي لسدود الروصيرص، وسنار، ومروي، والسد العالي.
سابعاً: سوف تتأثر الزراعة بالري الفيضي في السودان (زراعة الجروف)، إذ سيكون منسوب النيل الأزرق ثابتاً طوال العام دون فيضان موسمي وانحسار مياهه، والذي كان يتيح الزراعة في الأراضي التي كانت مغمورة بمياه الفيضان.
ثامناً: سد النهضة وهو على بعد اربعين كيلو متراً من حدود السودان يمنح السودان أفضلية قصوى للاستفادة من الكهرباء بأقل تكلفة، ويمكن أيضاً توصيل الكهرباء الاثيوبية الى مصر عبر السودان بموجب شراكات ذكية من الدول الثلاث.
مما تقدم يتضح أن الاتفاق بين الدول الثلاث ممكن، وأن السودان المستفيد من فوائد السد ولا يضار كثيراً حسب التلخيص التالي:
أولاً: الخوف من انهيار السد أمر غير وارد وغير منطقي، بحسبان خبرة الشركة الايطالية ومسؤوليتها في مراجعة التصميم قبل التنفيذ، وابداء ملاحظاتها حسب لوائح المنشآت العالمي، ثم عدم مجازفة اثيوبيا في اهدار خمسة مليارات دولار في مشروع تحفه مخاطر خاصة، وأن منطقة سد النهضة غير معروف عنها الزلازل والبراكين.
ثانياً: كل التأثير الوقتي على تقليل تدفق مياه النيل الأزرق الى مصر والسودان، بما يعادل سبعة مليارات متر مكعب سنوياً ولمدة عشر سنوات، يمكن أن يكون كله في حصة السودان غير المستغلة والبالغة حوالي 8.5 مليار متر مكعب مقابل منح السودان كهرباء السد لمدة عشر سنوات بسعر تفضيلي مجز، وفي هذه الحالة مصر لا يحق لها التحدث عن انخفاض في حصتها من مياه النيل، بل أن حصتها قد تزيد بحوالي 5% من تخزين مياه النيل الأزرق في مرتفعات اثيوبيا الباردة، التي تقلل التبخر الذي تفقد به مصر 12% حوالي عشرة مليارات متر مكعب سنوياً في بحيرة ناصر الساخنة من تخزين 120 مليار متر مكعب فيها لمدة عشرة أشهر، وطالما أن النيل الأزرق انبوب واحد يمر من اثيوبيا حتى البحر المتوسط لا يفرق أين يخزن الماء فيه بعد الفيضان السنوي، لذلك يمكن الاتفاق بين الدول الثلاث على كيفية إدارة السد بصورة مشتركة وملزمة تضمن سريان المياه عبره.
ثالثاً: مما أوردنا في هذا المقال في البند الرابع عن الطاقة الكهربائية وتدنيها في السد العالي، اتضح أن مصر سوف تفقد فقط 3% من طاقتها الكهربائية الكلية، إذ أن الطاقة الكهربائية المائية في مصر تشكل 12% من الطاقة الكلية، وأن تدني انتاج السد العالي قد يقل بنسبة 25%.
رابعاً: سد النهضة يطيل عمر كل السدود التي تليه في السودان ومصر.
خامساً: الري الفيضي في زراعة الجروف في السودان يمكن الاستعاضة عنه بالري بالطلمبات، التي تعمل بطاقة كهرباء سد النهضة قليلة التكلفة.
سادساً: يمكن الاتفاق بين الدول الثلاث على الاستفادة من كل كهرباء السد في امداد السودان ومصر عبر شبكة دولية مثل دول اورروبا خاصة، وأن شبكة السودان القومية تبعد حوالي مائة كيلو متر من سد النهضة، وشبكات السودان ومصر أيضاً لا تبعد عن بعضها أكثر من مائة كيلومتر. من كل ما تقدم السودان لن يضار بل يستفيد من سد النهضة أكثر من اثيوبيا نفسها- كما قال الرئيس الراحل ملس زيناوي في وقت سابق- ويزيد عمق العلاقة ويغذيها بشريان ثانٍ بعد شريان المياه وهو شريان الكهرباء، ونحن واثيوبيا في حاجة ماسة لتقوية العلاقة واستدامتها كأمر استراتيجي للبلدين.
عمر البكري ابو حراز

الأحد، 3 يناير 2016

أثيوبيا تكذب تقارير مصرية تحدثت عن شروعها في بناء خزان لسد النهضة




نفى وزير المياه الإثيوبي، موتوما باداسا، تقارير إعلامية مصرية تحدثت أن إثيوبيا قامت ببناء خزان لسد النهضة، مؤكداً استمرار بلاده في أن أعمال بناء السد ولن تتوقف، وأن ملء السد سيتم حسب الجدول الزمني للبناء.
وقال الوزير موتوما في تصريح أورده موقع (دير تيوب) الإثيوبي، إن “موضوع ملء السد، هو جزء من أعمال بنائه”، مشيراً أن “المعلومات التي تطلقها بعض وسائل الإعلام المصرية حول ملء السد غير صحيحة”.
وأضاف “أعمال بناء مشروع السد مستمرة ولن تتوقف، وملؤه سيتم حسب الجدول الزمني للبناء”.
وأشار موتوما إلى أن “الشركات الاستشارية التي وافقت عليها الدول الثلاث (مصر، السودان، إثيوبيا) ستبدأ في إجراء الدراسات حول السد مطلع فبراير المقبل”.
وتابع “الشركات الاستشارية الفرنسية ستقوم بإجراء الدراسة دون أن يتوقف العمل في بناء السد، وأعمال البناء تسير وفق الخطة الموضوعة لها”.
وأوضح موتوما، أن “الدعوة التي قدمتها وزارة الخارجية الإثيوبية لوزارات الخارجية، والري، في كل من السودان ومصر، من أجل زيارة مشروع سد النهضة، تأتي في إطار حسن النوايا، وبناء الثقة بين الدول الثلاث”، مشيراً أن وزراء الخارجية، والري، في البلدين رحبوا بدعوة إثيوبيا لزيارة السد.
ووقع وزراء الخارجية والري في السودان ومصر وأثيوبيا، الثلاثاء، الماضي بالخرطوم على وثيقة وصفت بانها”تاريخية” تضمنت عدداً من اﻻتفاقيات بخصوص سد النهضة”، كما تقرر أيكال الدراسات الفنية الخاصة بالسد الى شركتين فرنسيتين، وذلك بعد ثلاث أيام من المفاوضات الصعبة.
وقال وزير الخارجية الإثيوبي، تدروس ادحانوم، إن بلاده قدمت دعوة للسودان ومصر لزيارة موقع سد النهضة المختلف حوله، ،وشدد على أن بلاده ليس لديها ما تخفيه
وأضاف في تصريحات صحفية مع نظيريه السوداني والمصري “ليس لدينا ما نخفيه، وعليهما ، الوقوف على موقع السد، وهذا سيعزز الشراكة وسيبني الثقة، ونوجه الدعوة أيضًا للدبلوماسية الشعبية، ووسائل الإعلام لزيارة السد”.
الى ذلك قال مسؤول مصري، السبت، إن مناقشات فنية وعلمية، ستبدأ حول “سد النهضة” الإثيوبي، نهاية الأسبوع الجاري، في أديس أبابا.
وقال علاء ياسين، المتحدث باسم ملف “سد النهضة”، ومستشار وزير الري المصري، لوكالة الأناضول إن “اجتماعا في العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، سينطلق يومي الأربعاء والخميس القادمين ، لمناقشة علمية وفنية حول مطالبات مصرية، بزيادة فتحات تمرير المياه بالسد الإثيوبي”.
وأشار أن هذا الاجتماع، الذي سيشارك فيه وفد فني مصري، سيرفع تقريرًا حول نتائجه، إلى اجتماع وزاري، في الأسبوع الأول من فبراير المقبل.
وأوضح ياسين، أن الاجتماع على المستوي الفني، هو أول تنفيذ لاتفاق الخرطوم، الذى تم التوصل إليه خلال الاجتماع السداسى الثانى، الذى عقد بالعاصمة السودانية الخرطوم، بحضور وزراء الخارجية والمياه بمصر، والسودان، وإثيوبيا، نهاية العام الماضي.
وتطرح مصر مقترحًا، حول زيادة فتحات تصريف مياه نهر النيل، من خلف “سد النهضة”، من 2 إلى 4 بوابات، لتسهيل عملية تدفق المياه، إلى دولتى مصر والسودان.